December 20, 2007

إلى نائل الطوخي مع التحية


نائل الطوخي لمن لايعرف كاتب رائع صدرت له روايتان من قبل هما «تغيرات فنية» و«ليلى أنطون»، وأخيرا صدرت له رواية جديدة تحمل عنوان "بابل مفتاح العالم" وهي رواية قصيرة غرائبية।

يسعدني للغاية هذا النوع من الروايات الذي يحاول أن يعيد تشكيل العالم من وجهة نظر فلسفية معبأة بوجودية
أعلم أني انتظرت طويلا حتى أكتب عنها لكن ذلك لمقدراتي التي لاأملكها،
لأنها لاتكتفي برأيها في العالم الذي ولد مشوها لاعتبارات بيولوجية واجتماعية فريدة،
لكن نائل يعيد وضعها أمامنا كأنها ذاكرتنا الوحيدة، ويحاول فيها إعادة تشكيل العالم لكنه في النهاية يجد أن العالم الذي خلقة كان أشد تشوها مما بدأ به العالم الحالي، كأنه يعلن أننا حالة ميتافيزيقية مشئومة ومقدرة سلفا، فلايمكنك أن تضع بصمة كبيرة على العالم كله - تعلم عليه كما في العامية المصرية - دون أن تحدث هذه البصمة قدرا من التشويه لايقل عن التشويه الأول।

إنه يمارس اللعبة ذاتها بشكل إنساني من خلال شخصيات ثلاث تحمل جينات هذا التشوه، لكن أين هي الإنسانية إذا كان قدرنا محكوم بتيمات قدرية مطلقة، والخروج عن هذه التيمات يعني أجنة مشوهة، ووجوه مشوهة، وأخلاقيات - إذا كان لها اعتبار - مشوهة، وقدر مشوه، كل الشخصيات لعبت نفس الدور القديم، وبشكل أقسى مما بدأ به العالم، فكيف لعالم محكوم سلفا بالتشويه أن يعيد بناء نفسه بشكل جمالي فلايحصل في نهاية الأمر إلا على عالم أكثر تشوها، هذه الرواية على قصر عدد أوراقها، إلا أنها تحمل نفسا فلسفيا وجوديا ماأحوجنا إليه في ظل هذا الركام من الأعمال التي ليست لها قيمة على الإطلاق.
أيضا من جماليات هذا العمل اللغة الجديدة التي كتب بها، فالسخرية تزدحم متراصة في طوابير غير مستقيمة في أنحاء الرواية التي تشبه "شقة عالمحارة"، وهي العالم الذي يتحدث عنه نائل، فهو عالم قاس لاسبيل للفرار من قدريته، كأنه مكتوب في اللوح المحفوظ أن نظل كذلك، على الرغم من كل أفكارنا المتعلقة بالهروب منه إلا أننا موشومون بهذه الطريقة في التفكير والرؤية والحديث والإنصات، موشومون بانطباعاتنا عن الآخرين، موشومون به في رسم مستقبلنا الغامض، موشومون بفراغنا اللانهائي، موشومون حتى في لحظات الجنس، موشومون في لحظات الفرح، أين هو الفرح، إنها مفردة معطوبة ومملاة لغة لافعلا.
هذه الرواية من النوع الملهم Inspired
لماذا هي كذلك، لأنها نص مفتوح يدفعك لأفكار أخرى وجديدة، وليست رواية ذات حبكة مغلقة، بمجرد أن تنتهي منها تلقيها جانبا، أو تحرك داخلك بعض الانفعالات التي سرعان ماتذوي، فالأمر ليس كذلك لديه بالمرة، إنه يدفعك لمزيد من التساؤلات والصياغات التي لاتلتزم الواقع المعاش منهجا، بل هي ضده على الخط المستقيم، إنها عبثية بيولوجية جديدة، هذا ماأستطيع أن أقوله عنها، تمنيت أن لاتنتهي فقد ملأتني بأسئلة ميتافيزيقية جديدة عن العالم وكينونته وصيرورته!!
العزيز نائل ..أنتظر عملك القادم صديقي العزيز الذي لن يكون أقل توراتية عن هذا العمل الجميل।

كل سنه وانتم طيبين


الأعزاء
كل عام وأنتم بخير
ومتألقين
ومنورين
رغم كل شئ هاتفضلوا منورين
مهما كانت جحافل الظلام كتير
ومهما كانت آلامكم
هاتفضل أحلامكم هي الهادي وهي الطريق
خالص محبتي وتقديري