February 5, 2008

بين رمسيس والجلاء


زمان - ليس بالبعيد تماما - كنت أسير في شارعي رمسيس والجلاء على راحتي ولم أكن أواجه أي مشكلات، كان الأمر بسيطا للغاية وكانا - الشارعان - ممتلئان بعربات بائعي الفول في الصباح الباكر حيث كنت أعمل عاملا بمطبعة الأهرام، كنت أقف هناك على ناصية شارع مسرح الجلاء على عربة الفول أقطع الرغيف وأضعه في الطبق الممتلئ وأنا اشعر براحة -غائبة اليوم- وأحاول أن أقرأ قصة ما مما في جيبي، فيما ألاحظ على البعد الأستاذ الكبير حسنين هيكل وهو يهبط من عربته باشّاً في وجوه الجميع، ثم يدلف من الباب الزجاجي، كنت أعلم أن مصيري ينتظرني هناك في أحد تلك الأركان المعتمة، السماء مفتوحة على مصراعيها تلقي فوق رأسي ببعض حبات المطر، فأركض بينما ينزلق من قدمي الحذاء الكاوتش الأبيض، وأحتفظ في جيبي بتلك القصص وكانت غالبا لأجاثا كريستي أو أرسين لوبين أو ألفريد هتشكوك وكنت في طريقي للتعرف على جورجي زيدان وعلي الجارم ونجيب محفوظ، الآن أن تسير في شارعي الجلاء أو رمسيس فأنت تريد الانتحار، فالطريق في رمسيس مغطي بالجسور الأسمنتية فلايمكن رؤية السماء، هذا الإله الحجري الجديد، هل قابلت آلهة حجرية من قبل يمنعون عنك رؤية الله؟! هذا ماحدث، وفي شارع الجلاء، وكلمة الجلاء تعني الحرية ، فأنت لاتملك الآن مزية المشي فيه، يمكنك التسكع على الأرصفة التي تقلصت للغاية وحذار السقوط من على الرصيف غير المحايد على الإطلاق، فقط المتر الداخلي من الرصيف هو الذي يمكنه أن يتعاهد معك، لكنه ينسى كل عهوده في لحظة إذا شعر بالازدحام، وهو ازدحام غير مبرر في الكثير من الأوقات، أما أنا فكنت قد أسكنت عربتي للرصيف المواجه لمبنى الاتصالات القبيح، لكني كنت أعلم أنه هناك في مكان ما يمكنني أن أرى قلب القاهرة لكني أحبها بنت اللذين ولاأملك من أمر نفسي شيئا، وتأكد إن بنت اللذين بتحب اللي بيحبها وتخلص للي بيخلص لها।॥

بنت الذين القاهرة!!
من وحي ردي على نوراي
الصورة من
marmad.files.wordpress.com