December 27, 2007

إليك ياصديقي الشاعر الصغير ..إليك وحدك


كنت أعلم جيدا حين جلس بجانبي أنه قد باع دمه عدة مرات للتو واللحظة، ليس بهدف أن يحصل على بعض الأموال لينفقها على نفسه، فلقد أتاه زوارا من الصحراء فجأة ليركنوا إليه في المدينة بعض الوقت، فلم يجد سوى هذا الطريق ليفعل ذلك، فقد كنا في نهاية الشهر ولم يكن قد قبض مرتبه البسيط بعد، ولم يكن على استعداد للتنازل عن كبريائه ليطلب من أحدا بعض الأموال على سبيل القرض، كان ممتقع الوجه لايكاد صوته يخرج من بين شفتيه، وكان يدعي بأنه قد أكل لتوه طعام الغذاء وكنت أعلم أنه لايقول الحقيقة، كنت أرى روحه هناك ماثلة أمام عيني تكاد تتلاشى فجأة।

لم أجد أعتى منه في كتابة الشعر، ولا في همس الحيث ولا في صفاء المشاعر، إلى صديقي الشاعر الصغير الذي أكد لي أن الأنبياء الجدد غير متواجدين في كتب سماوية!

December 20, 2007

إلى نائل الطوخي مع التحية


نائل الطوخي لمن لايعرف كاتب رائع صدرت له روايتان من قبل هما «تغيرات فنية» و«ليلى أنطون»، وأخيرا صدرت له رواية جديدة تحمل عنوان "بابل مفتاح العالم" وهي رواية قصيرة غرائبية।

يسعدني للغاية هذا النوع من الروايات الذي يحاول أن يعيد تشكيل العالم من وجهة نظر فلسفية معبأة بوجودية
أعلم أني انتظرت طويلا حتى أكتب عنها لكن ذلك لمقدراتي التي لاأملكها،
لأنها لاتكتفي برأيها في العالم الذي ولد مشوها لاعتبارات بيولوجية واجتماعية فريدة،
لكن نائل يعيد وضعها أمامنا كأنها ذاكرتنا الوحيدة، ويحاول فيها إعادة تشكيل العالم لكنه في النهاية يجد أن العالم الذي خلقة كان أشد تشوها مما بدأ به العالم الحالي، كأنه يعلن أننا حالة ميتافيزيقية مشئومة ومقدرة سلفا، فلايمكنك أن تضع بصمة كبيرة على العالم كله - تعلم عليه كما في العامية المصرية - دون أن تحدث هذه البصمة قدرا من التشويه لايقل عن التشويه الأول।

إنه يمارس اللعبة ذاتها بشكل إنساني من خلال شخصيات ثلاث تحمل جينات هذا التشوه، لكن أين هي الإنسانية إذا كان قدرنا محكوم بتيمات قدرية مطلقة، والخروج عن هذه التيمات يعني أجنة مشوهة، ووجوه مشوهة، وأخلاقيات - إذا كان لها اعتبار - مشوهة، وقدر مشوه، كل الشخصيات لعبت نفس الدور القديم، وبشكل أقسى مما بدأ به العالم، فكيف لعالم محكوم سلفا بالتشويه أن يعيد بناء نفسه بشكل جمالي فلايحصل في نهاية الأمر إلا على عالم أكثر تشوها، هذه الرواية على قصر عدد أوراقها، إلا أنها تحمل نفسا فلسفيا وجوديا ماأحوجنا إليه في ظل هذا الركام من الأعمال التي ليست لها قيمة على الإطلاق.
أيضا من جماليات هذا العمل اللغة الجديدة التي كتب بها، فالسخرية تزدحم متراصة في طوابير غير مستقيمة في أنحاء الرواية التي تشبه "شقة عالمحارة"، وهي العالم الذي يتحدث عنه نائل، فهو عالم قاس لاسبيل للفرار من قدريته، كأنه مكتوب في اللوح المحفوظ أن نظل كذلك، على الرغم من كل أفكارنا المتعلقة بالهروب منه إلا أننا موشومون بهذه الطريقة في التفكير والرؤية والحديث والإنصات، موشومون بانطباعاتنا عن الآخرين، موشومون به في رسم مستقبلنا الغامض، موشومون بفراغنا اللانهائي، موشومون حتى في لحظات الجنس، موشومون في لحظات الفرح، أين هو الفرح، إنها مفردة معطوبة ومملاة لغة لافعلا.
هذه الرواية من النوع الملهم Inspired
لماذا هي كذلك، لأنها نص مفتوح يدفعك لأفكار أخرى وجديدة، وليست رواية ذات حبكة مغلقة، بمجرد أن تنتهي منها تلقيها جانبا، أو تحرك داخلك بعض الانفعالات التي سرعان ماتذوي، فالأمر ليس كذلك لديه بالمرة، إنه يدفعك لمزيد من التساؤلات والصياغات التي لاتلتزم الواقع المعاش منهجا، بل هي ضده على الخط المستقيم، إنها عبثية بيولوجية جديدة، هذا ماأستطيع أن أقوله عنها، تمنيت أن لاتنتهي فقد ملأتني بأسئلة ميتافيزيقية جديدة عن العالم وكينونته وصيرورته!!
العزيز نائل ..أنتظر عملك القادم صديقي العزيز الذي لن يكون أقل توراتية عن هذا العمل الجميل।

كل سنه وانتم طيبين


الأعزاء
كل عام وأنتم بخير
ومتألقين
ومنورين
رغم كل شئ هاتفضلوا منورين
مهما كانت جحافل الظلام كتير
ومهما كانت آلامكم
هاتفضل أحلامكم هي الهادي وهي الطريق
خالص محبتي وتقديري

December 6, 2007

إغلاق النوافذ


ركبت سيارتي في الصباح وأغلقت النوافذ..كان كل شئ في الطريق بارد ومعتم..حتى الأطفال الصغار المحشورون في الميكروباصات نائمون أو ساكنون تماما بينما غابت عني ملامحهم..مرة واحدة..مرة واحدة فقط ..لمحت هذا الكائن الصغير النائم تماما في سيارة المدرسة التي كانت تسير بجوار سيارتي وقد تعلقت حقيبته الزرقاء بكتفيه، لاأدري كيف التقطته عيني رغم الريح والسماء الزرقاء النائمة أيضا، لكنه كان نائما تماما غير عابئ بأي شئ..كان يبتسم وهو نائم يحلم بملائكته، فيما كان بقية الأولاد والبنات مستيقظون يصرخون، أما هو فكان نائما بشكل عنيد فيما كانت الريح تعبث بنا جميعا في الخارج.. أضغط على فرامل السيارة بعنف فتزأر فيما كان قط صغير يعبر الطريق غير عابئ بعشرات السيارات التي تركض من حوله تحولت بعيني بعد برهة فوجدته مازال نائما يبتسم..وكانت نافذة سيارتي مغلقة..

مع الاعتذار للكاتب الكبير ابراهيم عبد المجيد الذي له مجموعة قصصية بنفس العنوان

الصورة من :
picasaweb.google.com/.../NwYYUDgKkQiFSfnXUyeZyQ

December 2, 2007

إلى نهى محمود


العزيزة نهى محمود
صاحبة كراكيب
نداء عاجل لكل من يعثر عليها..
لم أفهم معنى نفاذ الغرض من المدونة..
الغرض ياصديقتي الجميلة هو الكتابة وبناء مجتمع من التسامح والتشارك في الأفكار والمصير..
هذه أفكار لاتنتهي ولاتنفذ ياصديقتي ..
عودي من التيه الذي يفرضه علينا بعض الأغبياء..
عودي من أجل حمارك الأزرق
وارضيتك الزرقاء
وأصحابك من ذوي الدم الأزرق
وتدشينا للفوضى الزرقاء القادمة
الكلمات تتوقف أحيانا..لكن الحب لاينتهي..
فأغراض الكتابة لاتنفذ..
لاتنفذ..
لاتنفذ..
لاتنفذ

الصورة من
blogs.gelman.gwu.edu

November 20, 2007

ترنيمات صغيرة




بيني وبين الغناء والموسيقى علاقة أبدية، لكني كنت دائما أفكر اين تذهب الأصوات بعد أن نسمعها، هل تتلاشى، أم تتشتت وتنتقل لعوالم خرى، كان السؤال عجيبا، وإن كنت عرفت إجابته الفيزيقية بعد ذلك، لكني كنت أتسائل أيضا : هناك علاقة كبيرة بين إحساسي والموسيقى التى كنت اسمعها، للوهلة الأولى كنت مخدوعا حين بقي احساسي ورحلت الموسيقى، ثم رويدا رويدا بدأ إحساسي يخفت ، وكنت أستعيده حين أسمع هذه الموسيقى بعد حين، لكن مع الوقت دائما كان يخفت إحساسي وتبقى الموسيقى التي أستعيدها بحركة آلية على جهاز التسجيل، بقيت الموسيقى كامنة هناك على شريط التسجيل يمكن استعادتها في أي وقت، لكن احساسي انتهى واختفى، مات ربما، وربما أصبحت أنا انسان آخر، من المؤكد أننا كل فترة نصبح بشر آخرون، المشكلة هي كيف يمكنني أن أحافظ على احساسي الدائم في تلك اللحظة التي كنت أسمع فيها هذه الموسيقى، انتهيت إلى التوازن، ولكن إذا أردت التوازن فمن المؤكد أنني أضع قطعة من الجليد داخلي، من منا يريد أن يعيش بقطعة من الجليد داخله؟ المشكلة الأخرى أننا من دون قطعة الجليد لن نعيش، وبقطعة الجليد لن نعيش، ولذلك أخذت أدندن بترنيمات صغيرة دائما، تحملني بعيدا عن لحظات الحياة الثقيلة، احتفظت بالموسيقى داخلي، ربما أكون بشرا من دم ولحم واشياء أخرى، لكن من المؤكد أنني جزء من موسيقى العالم التي أسمعها دائما، لأنها أصبحت داخلي، أسمع موسيقى ذاتية حين يكشر العالم عن أنيابه، فأنسى اللحم والدم، وأتذكر بأن الموسيقى هناك في أعماقي، في نسيجي الداخلي، تنسيني كل آلامي واستعيد بها أجمل لحظات الحياة التي أشك أنها ماتت، فأنا أعيش فيها دائما، لم يعد العالم يحتمل شقائنا، فمن المؤكد أنه لن ينتهي، فكل الحوادث قالت لنا ذلك، لا الفستان الأبيض، ولا البدلة السوداء، ولا ربطة العنق الفضية، ولا الصفر الذهبي الذي يوضع في اليد، فليس هناك مقياس عالمي للسعادة؛ لكن من المؤكد أن هناك مقياس روحي للسعادة، عني أنا وجدته في الموسيقى، أحسد تلك الأنامل التي تعزف هذا الشجن، أتمنى حين يحين الميعاد أن أقابل هؤلاء باخ، بيتهوفن، موزارت، شتراوس، اسبينوزا، نيتشه، فان جوخ، سارتر، عبد الوهاب، سيد درويش ، فيروز حتى لو كان ذلك في الجحيم.
يوما ما سأرحل كتلك الموسيقى التي تشتت في العوالم البعيدة، أرحل ومعي تلك الترنيمات التي ساعدتني على اجتياز مأزق قاتل يسمونه أحيانا بالحياة.
الصورة من الموقع التالي:
http://mirror-uk-rb1.gallery.hd.org/_exhibits/natural-science/splash-of-single-drop-in-still-water-pink-and-cyan-rotated-and-cropped-AJHD.jpg

November 13, 2007

فوضى زرقاء - مقطع أول


1- فصل في الحقبة الأولى للأسئلة
كان أمام الراقصة العجوز وقت طويل حتى تظهر، وكان على القمر أن يموت أولا حتى يفسح لها الطريق، لكن الكسول اللعين كان أمامه بعض الوقت حتى يتم الإعلان عن رحيله غير المفاجئ.
بالنسبة إليه الوقت ليس له معنى، إذ يملك الوقت إحساسا مختلفا، كأن له علاقة قديمة بالشيوعية ربما، وربما له علاقة شاذة برؤساء جمهوريات دول العالم الثالث، إذ أنهم لايمرضون أو يكبرون في العمر، وربما من باب أفضل القول بأنه كائن كان من المفترض أن لايكون موجودا، ومن هنا لم يدع إله إغريقي قديم بأنه قد خلقه، يشعر أحيانا – لا..لا.. دائما - بأنه أسوأ حالا من الراقصة العجوز، كأن تكراراته أبدية لاتنتهي، يتحسس رأسه وهو يرفعها لأعلى، ليعود الكونشرتو الجنائزي لتساؤلاته المتكررة من جديد.
"ماذا كان يمكن لسارتر أن يفعل إذا أتى في هذه اللحظة، الآن، في هذه الحقبة التاريخية المائعة، هل كان بإمكانه إن كان يعيش بيننا أن يقدم لنا إجابات جاهزة خاصة لأسئلتنا حول تراثنا التاريخي النبيل وكيف حافظنا على نقاءه مثلا، هل كان سيشعر بالغثيان ويجفل من وجوهنا السوداء المتفحمة، وربما يتعجب في نفس الوقت من العيون الخضر والشعر الأشقر الذي بدأ يغزو بعض أحياء محددة من القاهرة فقط وليس الجمهورية، أم أنه كان سينهي إجابته وينتحر من فوره قائلا على طريقته " لايوجد ماأفعله، فهذا المجتمع بكل مافيه من رذائل خارج نطاق تخصصي الدقيق..!"، حينها، حينها فقط إذا تم ذلك سندرك أننا مجتمع يعج بالبؤساء والمرضى، , فإذا عرضناه لبعض ضغوطنا غير القانونية – التي نعرف جيدا كيف نمارسها – فنجبره على كتابة وصفة طبية لنا مثلا، ربما – أقول ربما- يدعي أنه لايملك أوراقا لكتابة تلك الروشتة لنا، وربما يدعي – وهو يتململ- أنه لايعرف طبيعة هذا الورق الذي سيكتب فيه العلاج، وربما أيضا تسوء به الحال فيتطلع في وجوهنا الطباشيرية الكرتونية– وهو أحد تعبيراته المفضلة - وينكر تماما وبشكل قاطع أنه لايعرف الكتابة، وفي أسوأ الأحوال سيرفع الغليون من على فمه المائي الرقيق ويقول بأنه لايعرف العربية، وربما لتكتمل الحلقة حين ينقح علينا كبرياؤنا – بسبب رفضه المتوالي - سندعي نحن بدورنا بأنه ليس لدينا مترجمين، ولننهي المسألة تماما سنسدد له طعنة أخيرة ونحوله إلى نكرة وننفي أننا طلبنا منه أي شئ، وأنه ليس لدينا الوقت لأطباء عقليين، وأنه من الأفضل أن يقدم نصائحه لبلده.. ثم نسحقه تماما قائلين هذا إذا كنت موجودا بالفعل ياسيد!! ولن ننطق إسمه، وحيث أننا مدربون جيدا على تسديد الإهانات سيكون من الأفضل أن نقول له (يا) فقط دون سيد فهو في نظرنا العبقري غير موجود!!".
المشكلة في ظني أنه حتى إذا كتب روشتة علاج، وسأفترض أنه ترك مهنة الفلسفة وتحول إلى طبيب للحظات وتجرأ وكتب تلك الوصفة الطبية فمن المؤكد أنها لن تكون ناجحة بكل المقاييس، فلا المسكنات ولا المغيبات ولا المسهلات ولا الممسكات ولا الحقن ولا المضادات الحيوية ولا غرف العناية المركزة ولا المطهرات بأنواعها ولا العمليات الجراحية ولا حتى إذا وصف مقاعد جميلة ذات أبعاد مختارة بعناية فائقة - بذكاؤه النادر المعهود - لنساء مثيرات لرجال البلد، لايمكن لكل ذلك أن يعكس هذه الوضعية، أو يخرجنا من هذا الكابوس، أو أن يعيد إلينا حيويتنا".
"سارتر بالذات الذي ألهمنا تلك الأسئلة الوجودية بحثا عن مزيد من الإيمان في هذا العالم، كان يمكن أن يقدم لنا الإجابة، الإجابة النهائية الشافية، كان يمكنه أن يقول لي مثلا – وحين أقول لي تحديدا فأنا لاأعني نفسي لأني للأسف لاأعرفها حق المعرفة، كما أنني لاأمارس أي شوفينية في الإشارة نحو نفسي حين أقول "لي" لكني أحاول فقط تقريب المسألة - يقول :
- يمكنك أن تخرج إلى الشارع وتتحدث إلى الخالق، تعترف بكل أخطائك مدعيا أنك لايمكن أن تعترف مرتين، مرة الآن ومرة بعد بعثك، وأنك تريد أن تحاكم الآن على كل مافعلته، ثم تستريح بعد ذلك، تستريح وتقبض روحك وينتهي الأمر، على الأقل تستريح من هذا الجحيم الأرضي، لم تعد الحياة تطاق في هذا المكان. المثير كما ترى أنك تعيش وتستمر في الحياة، كأن الأمر لايعنيك، ولايمكنك الانتحار، فهو ممنوع عليك، وأنت لاتملك الثروة التي تجعلك تخرج من هنا في هدوء، أو على الأقل تتمتع بتلك المقعدة البيضاء اللامعة إذا كتبتها لك في روشتتي، الغريب أنك لاتملك الآن أو حتى بعد ذلك تلك الشهية لهذه المقعده النسائية التي تسيل اللعاب..
يتململ وهو يتكلف الابتسام " نعم..نعم.. نحن مجتمع خارج نطاق تخصص سارتر، مجتمع لم يوجد من قبل، وأعتقد جازما أنه سينتهي على هذه الحالة..لكن المشكلة أن اللعين لايقدم جابات على الإطلاق!!".
" هيا ياصديقي الفرنسي أجبني، ماذا كنت ستفعل.. هاه ماذا؟!.. أنا.. أنا شخصيا لاأملك سوى الاشمئزاز ومع ذلك أنا ضالع حتى نخاع عظامي الذي ضربه السوس في المسألة، ضالع في الإدعاء بأني لاأرى أو لاأجيد الرؤية، لاأراهم وهم يفعلون مايريدون بنا، لاأراهم وهم يكتبون في الصحف مايريدون، لاأراهم وهم يخطون كتب التاريخ على هواهم، لاأراهم وهم يسمموننا، لاأراهم وهم يبيعون أجسادنا، لاأراهم وهم يرفضون الاستماع إلينا، لاأراهم وهم يزيفون رأينا في تلك الصناديق التي تدرك حين تطلع إليها كم هي كاذبة ورثة وبالية ولا تستحق سوى الاحتقار..لاأراهم..!!.. إذا كنت لاأراهم.. وهم لايرونني، وربما أكون أدنى من أن يرونني، وهو شئ يكاد يكون مؤكدا.. فهل نحن بالفعل موجودون أم أن هذا مجرد كابوس.. هل العالم حقا موجود.. وماهذه الصور التي أراها عن عالم آخر يعيش سعيدا.. هل الجنة هناك.. إذا كانت الجنة هناك فلأعترف وأموت الآن، ولتنتقل روحي إلى هناك.. هل مكتوب علي أن أتعب حتى أصل لهذه الجنة أيضا، ألايكفيني ماأنا فيه على هذه الأرض ..".
القمر يختفي فجأة، ظلال فضية غامقة تلوح من بعيد، تبدأ في التحول إلى هذا اللون البني الذي لايستطيع أن يراه جيدا، الراقصة العجوز الحمراء مازال أمامها بعض الوقت لتحتل مكانها المعتاد على مسرح الأرض، تقوم بحركات الصعود في السماء بخط مستقيم يتسم بالشهوة الجامحة وفي حركة بالية واحدة لاتتغير، لاتتورع عن ممارسة تلك الحركة يوميا منذ مليارات السنين، حتى أصبحت مملة للغاية، ألم تشعر هي أيضا بالملل.. شئ غريب يبعث على الاشمئزاز.. لكنها وهذا هو الأهم تترك لنا بعض الظلال، بعض الظلال التي لاتؤثر".
" ظلال .. نعم .. الظلال .. إذا قلت أنني مجرد ظل يتحرك فلا يخدش حياء ولايضايق أحدا، ظل ليس له تأثير، كلنا ظلال ليس لها تأثير، وهل يكتب أحد ، أي أحد تاريخ الظلال، ..هاها.. ليس للظلال تاريخ، فهي لاتستطيع أن تضاجع امرأة.. وليس لها قضيب، ولم يكن لها يوما تلك المقعدة المثيرة فلاتحتك بالأرضية إذا طلبوها لتمارس الجنس، ولا تشعر بالوردة وهي تسقط على الأرض في حركات دائرية لايمكن تدريسها في أكاديميات الفنون، ولم تسع يوما لتبلل شفاهها بقبلات في الأركان المظلمة، ولاترتدي فستانا بسحاب، ولا تتسلسل كخنفساء عملاقة لتأكل لحوم الموتى، ولا تعرف معنى الرضاعة، ولم ترتاد ماخور مع بعض العانسات، فكيف يكون لها تاريخ!!"
عليه أن يتمنى حدوث فعل من ثلاثة، إما أن يموت الآن وهو جالس على المقعد، أو تبدأ أحداث يوم القيامة ليعترف بجرائمة الخائبة وينتهي الأمر، أو يرحل للضفة الأخرى للكابوس، حيث الحلم، أو تلك الأرض التي يمكن أن يموت عليها مرتاحا، وربما يحتاج الأمر لبعض التوابل، سيتدبر أمرها إذا حدث، لكن على الأقل سيكون الأمر الأخير هو اختياره إذا حدث، فهو ليس مسئولا عن تلك الخيارات الإجبارية التي وقع عليها، اختياره الحقيقي مرهون بلحظة ارتحاله للضفة الأخرى، حيث يمكنه أن يمارس حريته، حريته الحقيقية للحظات قبل أن ينتهي الكابوس والحلم معا، يريد نهاية تليق بالدخول في الحلم، نهاية كالحلم ذاته تأتي وتستمر.
"أنقطع عن العالم، لكني أعي كل شئ.. هكذا يجب أن تكون النهاية" .
ربما كان من المهم الإشارة أيضا إلى أن تحديد الطريقة التي يمكن أن يصل فيها إلى ضفاف الكابوس النهائية كانت مجرد فكرة، ثمة أفكار في العالم ليس لها أدوات محددة للتحقيق، حتى العلامات التي يمكن أن يسترشد بها إلى مجرد بداية الطريق الذي سيسلكه لإنهاء هذا الكابوس لم تكن موجودة أو متاحة بشكل عملي، لكنه في قاع روحه كان يشعر بأنها موجودة بشكل أو بآخر كلغز، لغز عليه أن يقتلع عينيه فيصبح أعمى فلا يستعصي عليه حله قبل فوات الأوان، وقبل أن يطبق هذا الكابوس على روحه فينتزعها، وحين انتزاعها – إذا حدث ذلك – سيشعر بأنه شرب أكبر مقلب في حياته، أكبر مقلب ممكن في الوجود، ببساطة لم يكن لوجوده الصامت والمتكرر معنى سوى أنه سليل أصيل لأكبر فصيلة حمير فاشلة في العالم".
يتطلع إلى التقويم القابع على الحائط الفاشل أيضا الذي لايصلح إلا لعملية تكرارية ليس فيها أي جديد، فهو اليوم تقويم وغدا نفس التقويم وكذلك بعد غد وحتى النهاية، سلسلة متكررة من الإعلان عن تاريخ الإحباط البشري، لاتدركه بقية الكائنات، فهي غير معنية به بشكل أو بآخر، متى أشار هذا التقويم لفشل أكبر، هناك الكثير الحقيقة، لكن حزنه الحقيقي كان في أبريل 1980 حين مات سارتر، وربما في أكتوبر في العام الذي يليه حين مات الرئيس الراحل، كانا متماثلان في تدخين الغليون، الأول أعاد للفلسفة قيمتها، والثاني أعاد للعبث قيمته، يتخيل أحيانا ما الذي سيفعله الرئيس الراحل إذا قابل سارتر في الجحيم، مؤكد أن سارتر بعد جولة طويله في الجحيم سيجده في انتظاره ، سيسأل سارتر الرئيس الراحل وهو يأخذ نفسا عميقا بلا مبرر من غليونه الذي يموت كل لحظة :
- مالذي أتي بك إلى جهنم!
- هاها.. جئت كي أطمئن عليك ألا تعلم أني رب العائلة!!
سيود سارتر لو يطبق على رقبته، لكنه لن يفعل.. سيضحك في برود كعادته إلى مالانهاية ثم يتقيأ ويموت ليفاجأ بالرئيس الراحل مرة أخرى، الذي سيكون عذابه في الآخرة، كأني أراهما الآن
"!

November 11, 2007

فوضى زرقاء


المعذرة لكم جميعا
فقد كانت الأشياء حولي ترقص رقصتها الأخيرة..
كانت الحياة كلها تنفجر وتتناثر
كان كل حب العالم يتبعثر ويتلاشى
كان اللقب الحقيقي لهذه الحالة هو الاكتئاب
لكني اكتشفت أن من قلب الاكتئاب يولد الفرح..
لعله ليس اكتشافا بالمعنى الحقيقي
وإلا كان معنى ذلك أن الجنون يتوسط حلقة الأشياء التي تسكنني
أهلا بكم في موسم الفرح
مع التزامي بأن للفرح معنى مغاير تماما عندي
فهو حالة مؤقتة فقط من التصالح مع الذات
إذ أنني لم أعد أدرك له معنى منذ زمن طويل
أعتز أيضا بأن أقدم لكم مقاطع من الرواية الجديدة قريبا
التي قرأتم عنوانها في الأعلى!
أعتذر مرة أخرى عن الغياب
ولكني لاأستطيع سوى أن أهمهم بتلك التعاويذ الجميلة التي إحداها كلمة
"وحشتوتني"
حبي الدائم

October 29, 2007

عذرا يأ رفاقي هذا موسم الاكتئاب..


الأعزاء.. ليست بي رغبة للكتابة فنحن جميعا في قلب موسم الاكتئاب، كلما تتطلعت إلى كتاباتكم جميعا أيقنت أن جيوش الاكتئاب والاحتقان تحتل مقاعد متقدمة للغاية في قلوبنا.. فأستميحكم عذرا.. ليست لي رغبة في الكتابة إطلاقا، فأنا مشغول بروايتي الجديدة، لكن اسمحوا لي أن أقدم لكم مقطوعة لطيفة من "الغثيان" لسارتر :
" كان الضباب قد انحسر قليلا، وأسرعت في سلوك شارع تورنوبريد، كنت بحاجة إلى أضوائه، ولكني أصبت بالخيبة، كان ثمة نورا بكل تأكيد، وكان يسيل على زجاج الحوانيت، ولكنه لم يكن نورا مرحا: كان أبيض كل البياض بسبب الضباب، وكان يسقط على كتفيك كماء "الدوش".
..
وبحثت فيما حولي عن مرتكز صلب، عن حماية لي من أفكاري، ولكني لم أجد ، رويدا رويدا، كان الضباب قد تمزق، ولكن شيئا ما مغلقا كان يتمطى في الشارع، ربما لايكون تهديدا حقيقيا فهو قد امحى، شفافا. ولكن هذا بالذات هو ماكان ينتهي باشاعة الخوف. واسندت جبيني بالواجهة، ولاحظت على مايونيز بيضة معدة على الطريقة الروسية قطرة ذات لون أحمر معتم: كان ذلك دما. وكان هذا الأحمر على ذلك الأصفر يثير اشمئزازي"
عذرا العالم.. كل العالم حتى أنا في تلك اللحظة يثير اشمئزازي!!

الصورة من :

http://cybermusicalinstruments.com/images/products/EVN4-4black.jpg

October 24, 2007

الألم ..لاتكذبي


مش عارف أقولكم إيه
حبيت أغير كده وأقلب على عبد الوهاب
عبد الوهاب ده حبيبي
يعني ممكن ماأكولش وأقعد اسمعه
اسمعوا لاتكذبي منه
"لاتكذبي
إني رأيتكما معا
ودع البكاء فقد كرهت الأدمعا
ماأهون الدمع الجسور إذا جرى
من عين كاذبة
فأنكر وأدعا
وأدعا"
أغنية تعيش
تعيش على طول
تعيش لأن الحاج الشناوي كتبها وهو تعبان..
هي دي النقطة اللي أنا أقصدها
إوعى تندم إنك اتألمت يوم
لأن كتابتك الجميلة منبعها هذا الألم
فليحيا الألم الذي يجعلنا متألقين
- ردا على نورسين وشخابيط وشيرين وفاوست
واي حد مداقش من نهر الألم ولم تهاجمه ديناصورات الوحدة المتوحشة
-للعامية جمالها دائما-
مع إحترامي للفصحى

October 23, 2007

إحساسي




أكتشف الأشياء كطفل صغير
أمسح على ظهر الأشياء كأني أمسح على رأس قط صغير
أحب العصافير الصغيرة.. وتتعلق عيناي بأجنحتها الواهنة وهي تحاول الارتفاع
كلما حاولت حبيبتي
أن تعرف مايدور برأسي
تسقط بجواري مجهدة
عبثا تحاول
ببساطة
لاتعرف أني أعطيتها قلبي
وأصبحت عقلا طائرا مع ذلك العصفور

October 13, 2007

القاتل والضحية


هل يمكنك أن تطلق رصاصة الرحمة على نفسك لتستريح من عذاباتك وجرائمك الغامضة؟
هل يمكنك أن تتوارى عن العالم بعيدا؟
هل يمكنك أن تمحو ذاكرة الأشياء من كل أفعالك الشائنة؟
هل يمكنك أن تعيش الجحيم مرتين مرة على الأرض ومرة هناك بعيدا؟
هل يمكنك أن تعتذر لكل من ارتكبت جرائما لاتغتفر في حقهم؟
هل يمكنك ان تمحو بابتسامتك الزائفة كل الغصات التي تسكن حلوق الجميع؟
هل يمكنك أن تعيد الكون إلى ماكان عليه قبل زيارتك له؟
هل يمكنك أن تعيد إصلاح القلوب التي تحطمت؟
هل يمكنك أن تستمر في الكتابة بعيداعن دماء الآخرين؟
هل يمكنك أن تحل الصمت على العالم فتختفي آهات المحزونين؟
هل يمكنك إعادة كتابة تاريخك المزيف؟
هل يمكنك أن تلملم جراح البؤساء ومن أسأت إليهم؟
هل يمكنك أن تهب من أحببتهم وترك حبك في قلوبهم ألما لاينتهي أن تعيد إليهم قلوبهم القديمة؟
هل يمكنك أن تنتصر على نفسك.. على كبريائك.. على صلفك وغرورك.. وأن ترفع يافطة في الشوارع تعتذر فيها لهم..
هل اعتذارك سيكفي..
المشكلة الدائمة أن القاتل والضحية تبادلا الحب يوما.. فلم تعد تعلم من القاتل ومن الضحية

الصورة من موقع
http://photo.net/gallery/

October 11, 2007

كوووول سنه وانتم طيبين



كل سنه وانتم طيبين
كل سنه وانتم طيبين
كل سنه وانتم طيبين
مغلق لأجازة العيد

October 9, 2007

حكمة الحياة



حكمة الحياة هي:
1- أن لاتكون لديك حكمة!
2- أن لاتكون لديك حكمة ولاتبحث عن حكمة جديدة!
3- أن لاتكون لديك حكمة ولاتبحث عن حكمة جديدة، وأن لاتكون إلا أنت!
4- أن لاتكون إلا أنت!
المشكلة الوحيدة..كما ترى هي..
أنك لاتكون أبدا أنت!!!

October 2, 2007

قفزة السمكة خارج النهر


هل راودك هذا الأمر يوما ما في أحلامك
أحلامك التي أتت من مكان ما
مكان ما هناك...
حيث رسمت للمرة الأولى تفاصيل وجهك
هذا الأمر يتعلق بسمكة
سمكة وثبت خارج النهر لتستقر في كفيك
هذا يحدث أحيانا للبعض..
هل أنت متأكد أن المسألة احتمال؟
احتمال ما بأي شكل من الأشكال؟
إذا كان الأمر احتمالا كما تقول.. وكما تدعي..
فلماذا وقفت في النهر وتوقعت أن تقفز السمكة خارج النهر بين يديك؟
ألا يذكرك هذا الأمر بشئ ما؟
الجبر والاختيار مثلا..
ألم تفكر في الأمر بهذه الطريقة
بأنك تختار ماأنت مجبر عليه
وتجبر على ماستقوم باختياره
وأن المسألة دائما بين بين..
إنها متاهة الاختيار..
إنها شبكة القدر المرسومة بعناية فائقة..
أن توحي لك بأنك قمت باختيارك الحقيقي
بينما كانت الحقيقة عكس ذلك..
وحتى لاتظن أنها مزيفة فأنت أيها البائس تردد بينك وبين نفسك
تلك العبارة المطمئنة، العبارة المورفينية
"إن هذا أفضل اختيارات حياتي؟"!!!

__________________________
الصورة من موقع
http://www.dreamstime.com/fishjump-image186534

September 30, 2007

تاني .. نادي القلوب الحزينة


الأصدقاء والأعزاء
يمكنكم الآن زيارة نادي القلوب الحزينة
فقط تتبعوا اللينك
أكتب قصتك أو أحزانك أو ماتريد في التعليق وسوف أقوم بوضعه في البوست، وعلى ذلك فهو بلوج يكتبه الجميع بدماء قلوبهم، وآهاتهم، ولحظات التلاشي..
هل أطمع أن أبدأ بأي واحد منكم..
أما أنا فسأكتفي معكم بالمشاهده والقراءة والتنسيق ولن أتدخل إلا بتعليقات قليلة
خالص تحياتي وتمنياتي

September 26, 2007

نادي القلوب الحزينة

_______________________________
جمال عبد الناصر إلى جنة الخلد دائما يابطل

_________________________________



" إذا أردت أن تحب.. تعلم أن تحب برفق.. لأنك إذا لم تتقن ذلك.. ستندم إلى الأبد"

هل تعيش الآن.. إذا كانت إجابتك بنعم فلا تكمل القراءة وامض فيما أنت فيه..
أما إذا كانت إجابتك بلا ..إذن :
هل تتخيل أنك تعيش أم أنك تستميت في التخيل أنك تعيش؟
هل ألقيت بورقة طلاق بائن في وجه كل أحلامك القديمة؟
هل تسبح الآن عكس تيار شعورك واحساسك؟
هل ألقيت بقلبك في قعر محيط غير معروف على الخرائط البشرية؟
هل تبكي في الظلام أشباحك التي ماتت وأخذت معها روحك؟
هل تراودك أحلام قديمة حين تكون وحيدا؟
هل تبتسم لخيالات في ذهنك أنت فقط؟
هل تفضل الجلوس وحيدا في أركان معتمة؟
هل تجد في الأطفال مأوى لروحك فتحدثهم بما لايمكن أن تحدث به الكبار؟
هل تخشى أن يقرأ أقرب المقربين إليك أفكارك؟
هل تحلق في السرب؟ في نهايته دائما؟
هل أنت مستسلم الآن لقطار العمر، حيث قطعت تذكرة بلاعودة؟ بلا خروج على القضبان؟
هل أحرقت رداء تمردك؟
هل تفتح عينيك في الصباح على وجه حبيب قديم في مخيلتك أنت فقط؟
هل تغلق عينيك في المساء على نفس الوجه؟
هل تنادي هذا الوجه في بعض الليالي؟
هل تمد بكفيك في الفراغ في قلب الليل تلمس أطياف كفيه؟
حين تأكل لا تتذوق ماتأكله؟ وحين تكون وسط الناس هل تتظاهر بالسعادة؟
هل تشعر بأنك كائن آخر ليس هو الموجود في الواقع؟
إذا كانت إجابتك بنعم على كل هذه الأسئلة فأهلا بك في نادي القلوب الحزينة، وإذا لم تكن فأحذر أن تنضم إلى هذا النادي!
إنتبه من الآن فصاعدا لقلبك جيدا، لاتمنحه لأحد!!.

اللوحة للفنان Daima
http://arthusgallery.com/

September 23, 2007

أن تقف وجها لوجه



أن تقف وجها لوجه
أمام العالم المنزوع الضمير
أمام الشمس التي لاظل لها
أمام قضبان السجان المزروعة على الطرقات
أمام ديكتاتورية الطبيعة
أمام طلقات الرصاص المصوبة إلى عقلك
أمام الأسماك الميتة في نهر أحلامك
أمام فترينات العصر التعس
..
أن تقف وجها لوجه
أمام إحباطات غرائزك الصغيرة
أمام تواطؤ العصافير التي لاتزور نافذتك
أمام خيانة الورود التي تغيب في الخريف
أمام الخرائط التي لم تطأها قدمك
أمام تراثك المحكوم عليه بالفناء
..
أن تقف وجها لوجه
أمام الرياح التي تذروها حروفك
أمام السكون الذي يغتال دمك
أمام القوادين
والجهلاء في الصحف الحكومية
أمام مدافع صمت الآخرين الدنئ
..
أن تقف وجها لوجه
أمام ذاتك المكسورة دون لاصق مؤكد لها
أمام جلاديك في شوارع المحروسة
أمام أمك المختبئة في السماء منذ عقود
أمام مهدك الذي باعه النخاسون بعد أن باعوك
أمام عهود الملائكة التي لم تتحقق
أمام الشياطين السابحين في أوردة أمانيك
..
أن تقف وجها لوجه
أمام عار العالم الذي صنعوه
وأقنعوك أنه عالمك الوحيد
..أن تقف وجها لوجه
أمام كل هؤلاء..
هل يمكنك!!
هل يمكنك؟!
هل يمكنك؟!
يمكنك؟!

الصورة للفنان Storm Thorgerson
من الموقع
http://www.galleryonline.com/

September 19, 2007

عشر قصص قصيرة للغاية


(قاتل)
لم أعرف
لم أعرف أنك تتمتع بصفات قاتل حقيقي..
إلا حين شاهدتك تركض عبر الحقول..
لم تكن تلك المشكلة..
ولم تكن المشكلة صوت لهاثك..
لكنك كنت تطأ بأقدامك رؤوس الحشائش..
..
(إثم)
لأني لاأراكم
ظننت أنهم حشوا السجون بوجوهكم الجميلة
ولم أكن أعتقد أبدا
أن - الأسوأ – هو الذي حدث
كانت السجون قد تم حشوها فيكم!!
..
(بحر)
لم يكن صيد السمك عملا سهلا ذلك اليوم..
كان البحر مغتاظا بشكل واضح
وكان مايفتأ يبصق في وجهي
ولم يترك لي أي علامة توحي بأني مرحب بي لديه!!
..
(الجمال)
سألتني امرأة عابرة..
ولم يكن يمكنني التمييز بين العابرات والقاطنات..
لكني أدركت أنها عابرة، فقد كانت جميلة للغاية
ولم تكن تتكلم..
بل فقط تسأل..
..
(حاسة)
حين سقطت ثمرة مانجو ضخمة من سحابة عابرة..
أدركت أن السحابات بجانب أنها تعلمنا كيف نبكي
تحسن أيضا من حاسة التذوق لدينا..
..
(الحقيقة)
حين استيقظت على صوت عصفور صغير
بجوار النافذة..
كان يحذرني من أن الشمس لاتقول أبدا الحقيقة..
كان القمر هو الذي أرسله..
كما قال..
..
(تبادل)
قفزت سمكة إبنتي من حوضها الزجاجي..
ولم أجد بدا من أن أسبح أنا فيه مكانها بعض الوقت
فيما كانت السمكة تطعم ابنتي
جرعة حليبها الصباحي..
..
(نبوءة)
حين همست العرافة في أذني ..
سقطت ثلوج غريبة على المدينة
وتآكل لوح الشوكولاته الذي أحتفظ به لإبنتي
وذبلت الزهور المطبوعة على قميصها الصغير
وشحب وجه باب شقتي..
وغطت الدموع زجاج نافذتي..
بينما أصدرت الحكومة مرسوما
تنادي فيه بإطفاء شموع الموتى..!!
حينها أدركت بأنني فقدت شيئا ذلك اليوم..
..
( حرية)
غادرت مخدع الحرية
كانت نائمة هناك في هذا القصر
القصر المعلق في السماء
وكان أبوللون يشير إلى شئ ما على الأرض
كانت بصمات أحذية رجال الأمن تملؤها
ومقعد الوالي خاليا
وصولجانه مخضب بالدم
وكانت صفحات الجرائد ممزقة
..
(غادر)
حين غادر صديقي البلدة
لم يترك سوى قفل وحيد صدئ
معلق من عنقه على باب منزله
كلما أحسست بالحنين إليه
تطلعت إلى القفل
الهادئ تماما منذ رحيل صاحبه

____________________________

..........

September 13, 2007

من دفتر أحلامي



لاأعلم ماهو اليوم، استيقظت في دهشة من حلمي،
كان ممتلئا بقوس قزح وأقمار ملونة،
تصاعدت فيه صيحات الأطفال وهم يلعبون،
وكأنني في الحلم تحولت إلى زهرة تحلق فوقها فراشات جميلة تسبح في الهواء.

كتب بورخيس أن الحكيم الصيني زوانج زي حلم يوما بأنه أصبح فراشة وأنه يطير في الحقول ويحلق فوق الزهور، وحين استيقظ تعجب للأمر كثيرا، وتسائل هل هو حقا انسان تحول إلى فراشة، أم أنه فراشة تجلس في السرير الآن تعتقد أنها انسانا؟!

الغريب أنني اكتشفت حين استيقظت أني لست انسانا ولست فراشة، كنت أفكر بأنني زهرة حلقت فوقها فراشة زنج، وان هذه الزهرة تعتقد أنها كانت يوما ما انسانا تحول إلى فراشة واستقر الأمر أخيرا على أن يصبح زهرة.. مجرد زهرة!!.